80FA17EAFC048456DAF83AA497F97536CBEE141E59FFAC4617307BC5F8B2D2A5 comodoca.com 6487869204754 قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام - المقالة

قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام - المقالة

قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام - المقالة


سيدنا إسماعيل عليه السلام

  •  سَيدُنا إِسْماعيل هُو الابْن الأكْبر لِسيِّدِنَا إِبْراهيم عليْه السَّلَام فَهُو الولد اَلذِي رُزِق اَللَّه بِه خليله إِبْراهيم بَعْد اِنتِظار سَنَوات كَثِيرَة حرم فِيهَا مِن الذَّرِّيَّة لَكِن سيِّدنَا إِسْماعيل لَم يَكُن أيُّ ذَريَّة فَكَان نَعِم الابْن اَلْبار اَلذِي يُعيِّن والده فِي كُلِّ شَيْء حَتَّى لَو على حِسَاب نَفسِه فيسْمع كلامه ويطيعه فِي أيِّ أَمْر قَبْل حَتَّى أن يَعرِف أسْبابه ( فبشَّرْناه بِغلام حليم ).
  •  برَّ سيِّدنَا إِسْماعيل وَقوَّة إِيمانه كَانُوا وَاضحِين مِن بِداية حَيَّاته فعِنْدمَا أمر اَللَّه سَيدُنا إِبْراهيم عليْه السَّلَام بِأن يَترُك السَّيِّدة هَاجَر وابْنهَا إِسْماعيل فِي مَكَّة رَغْم أنَّ مَكَّة فِي ذَلِك الوقْتِ كَانَت مكانًا مَهجُورا خاليًا تمامًا مِن مُقومَات الحيَاة حَيْث إِنَّه كان خَالِي تمامًا مِن اَلْماء والْبَشر أو حَتَّى الشَّجر اَلذِي مُمْكِن أن يَستَظِل بِه وَيُؤكَل مِن ثَمرَة فعاش سَيدُنا إِسْماعيل حياته وسط قَبِيلَة جَرهِم وَباقِي القبائل اَلتِي أرْسلَهَا اَللَّه لِتعْمِير مَكَّة بَعْد اِنفِجار بِئْر زَمزَم وفِيهَا تَأقلُم مع النَّاس فأحبَّهم وأحبُّوه وَكَان حُبُّ أبيه فِي قَلبِه أَكبَر مِن أيِّ حُبٍّ آخر فَكَان يَنتظِره فِي الزِّيارات اَلتِي يزورهم فِيهَا حَتَّى يُطمْئِن عَليهِم فلم تَكُن مُعَاملَة سيِّدنَا إِسْماعيل لَأبيه إِبْراهيم عليْه السَّلَام بِهَا أيُّ اِنتِقام على مَا مضى مِن هِجْرَان بِالْعَكْس فَكَان يُرحِّب بِه جِدًّا ويسْمع مِنْه ويتعَلَّم مِن عِلْمِه ويساعده أيْضًا على تَنفِيذ أَمْر رَبِّه .

ابتلاء الله لسيدنا إبراهيم فى ابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام

  • بَعْد سَنَوات قَلِيلَة كَبُر فِيهَا سَيدُنا إِسْماعيل قليلا وَبدَأ يَسعَى فِي طلب الرِّزْق لِأمِّه ويسْتطيع أن يَأتِي ويذْهب مع أبيه ويسْعى معه فِي أُمُور الدُّنْيَا ( بلغ معه السَّعْي ) فَكَان فِي أَكثَر مَرْحَلة عُمْرِية يُحِب الآبَاء فِيهَا أبْنائهم ويفْرحوا بِهم فَهِي المرْحلة اَلتِي يَشعُرون فِيهَا أنَّ مَشقَّة ترْبيَته وَهُو طِفْل صغير قد اِنتهَت وبدأتْ مَنْفَعته ومشاركته لَهُم فاسْتطاع أن يُسَاعِد أَهلُه وأصْبحوا قَادرِين أن يعْتمدوا عَليهِ وَفِي وسط هذَا اَلحُب وَتَعلَّق اَلأُم والْأب بِإبْنِهم إِسْماعيل عليْه السَّلَام كان الاخْتبار العظيم .
  • جاء سَيدُنا إِبْراهيم فِي يَوْم مِن الأيَّام إِلى سيِّدنَا إِسْماعيل وبلغه أَنَّه رآه فِي المنَام يذْبحه وأحْلَام الأنْبياء لَيسَت مُجرَّد أَحلَام إِنَّما هِي رُؤَى وَرُؤيَا الأنْبياء أَوامِر رَبانِية .
  • ومع ذَلِك شَاوَر سَيدُنا إِبْراهيم اِبْنه فِي الأمْر وسأله عن رَأيِه وَوُجهَة نَظرِه فِي ردِّ الفعْل المنْتظر مِنْه سَيدُنا إِسْماعيل لَم يَكُن عِنْده فِي ذَلِك الوقْتِ مِن مُقومَات الرِّجَال الأقْوياء والْأنْبياء الحكماء مَا يجْعله يَتَحمَّل تَنفِيذ أَمْر مِثْل ذَلِك الأمْر (فيقال إِنَّ عُمرَه فِي ذَلِك الوقْتِ كان 13 عامًا ) لَكنَّه لَم يَعتَرِض ولَا حَتَّى فِكْر فَكَان ردُّه ردَّ شَخْص عَاقِل مُؤْمِن مُسْلِم لِأَمر اَللَّه رَاضِي بِقضائه وَواثِق فِي حِكْمته فَسلَّم الأمْر لِرَبه وَشجَّع والده على التَّنْفيذ واكْتَفى بِالدُّعاء لَعلَّ مِن أَمْر وَحُكم يَرزُقه الصَّبْر والثَّبات والسَّكن .
  • ( فَلمَّا بلغ معه السَّعْي قال يَا بُنَي إِنِّي أرى فِي المنَام أَنِّي أَذبَحك فانْظر مَاذَا ترى قال يَا أبتْ اِفْعل مَا تَأمُر ستجدني إِن شاء اَللَّه مِن الصَّابرين .. آية 102 سُورَة الصَّافَّات )الأمْر بِالذَّبْح لَم يَكُن اِختِبار لِسيِّدِنَا إِبْراهيم فقط وَلَكنَّه كان أيْضًا اِختِبار عظيم لِسيِّدِنَا إِسْماعيل أَثبَت مِن خِلاله إِيمانه وَحُسن تَوكلِه على رَبِّه وتسْليمه الأمْر لَه فجازَاه اَللَّه خَيْر الجزَاء بِإنْقَاذ حَياتِه وإنْزَال خَرُوف كبير مِن السَّمَاء فَكَان لَه فِدَاء  فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ (104)قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106)وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)..سُورَة الصَّافَّات ) .
  • يُروَى أَنَّه كان خَرُوف سمين وعظيم ظِلٍّ يَرعَى فِي الجنَّة لِمَده 40 عامٍ وَذكَر اِبْن عَبَّاس أنَّ هذَا الخروف هُو قُرْبان هابيل اِبْن سيِّدنَا آدم اَلذِي قَدمَه تقرُّبًا لِلَّه فَتَقبلَه اَللَّه وحفْظه حَتَّى حان مَوعِد نُزوله مَرَّة أُخرَى إِلى الأرْض فَكَان فِي اَلأُولى تَضحِية وقرْبَان وَفِي الثَّانية أُضحِية وفداء .
  • جعل اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى ردَّ فِعْل النَّبيَّيْنِ الكرَام ( سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل ) مُخَلدا فِي دِيننَا حَتَّى نتَّخذهم قُدوَة ونسْتشْعر مدى عُمْق الإيمان اَلذِي كان سبب فِي هَذِه التَّضْحية العظيمة .
  • وَمِن هُنَا أَصبَح يَوْم إِنقَاذ سيِّدنَا إِسْماعيل عليْه السَّلَام ثَانِي أَعيَاد المسْلمين حَتَّى قِيَام السَّاعة وَسُمي بِعيد الأضْحى لِأنَّنَا نُضحِّي فِي هذَا العيد بِخروف تقرُّبًا لِلَّه وامْتثالا لِأمْره واقْتداء بِتضْحِية سيِّدنَا إِبْراهيم وابْنه فَفِي الوقْتِ اَلذِي ضَحَّى فِيه اَلخلِيل بِأعْظم زِينة فِي الحيَاة الدُّنْيَا وَهِي الأبْناء كَانَت التَّضْحية المطْلوبة مِنَّا أخفَّ وَطأَة على قُلوبِنَا لَكِنهَا فِي نَفْس الوقْتِ مِن أَعظَم نَعِم الحيَاة الدُّنْيَا أَلَّا وَهِي اَلْمال والْمقْصود بِالْمَال هُنَا الأمْوال اَلتِي نَقُوم بِاسْتقْطاعهَا لِشراء الخروف أو الأضْحيَّة رَغْم حُبِّ النَّفْس لَهَا ورغْبتهَا فِيهَا (الْمال والْبنون زِينة الْحيَاة الدُّنْيَا والْباقيات الصَّالحات خَيْر عِند رَبِّك ثوابًا وخيْر أملًا ..آية 46 سُورَة الكهْف ) .
  • وخلاصة القوْل أنَّ الأبْناء بِالْفِعْل هُم أَغلَى عِنْد الإنْسان مِن اَلْمال بِحَيث أَنَّه يَستطِيع أن يُضحِّي بِالْمَال فيتصَدَّق أو يَشتَرِي خَرُوف لِلْأضْحيَّة أو يُطْعِم مَساكِين أو كَكَفارَة أو غَيرِه لَكنَّه لََا يَستطِيع أن يُضحِّي بِعضْو وَاحِد مِن أَعضَاء اِبْنِه فَلذَلِك كَشَريعَة جَعْل اَللَّه تضْحياتنَا فِي الدِّين بِالْمَال وليْس بالْبنون حَتَّى يَكُون أخفَّ وأهْون على قُلوبِنَا .

مكانة سيدنا إسماعيل عليه السلام

  • كان سَيدُنا إِسْماعيل عليْه السَّلَام نَبِي وَرسُول مُرسَل والقبائل اَلتِي سَكنَت مَكَّة بَعْد اِنفِجار بِئْر زَمزَم أصْبحوا بِمثابة أَهلِه وَقومِه وعشيرته رَغْم أَنَّه لَم يَكُن هُنَاك صِلة أو قَرابَة أو دم تَجمعِهم فَبعَث اَللَّه لَهُم سَيدُنا إِسْماعيل يَدعُوهم لِعبادة اَللَّه وَحدَه وَيحُثهم على الصَّلَاة والْعبادة .
  • وَمِن صِفَات سيِّدنَا إِسْماعيل أَنَّه كان صَبُور حليم صَادِق الوعْد مِثلَما قال اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى عليْه فِي كِتابه ( واذْكر فِي الكتَاب إِسْماعيل إِنَّه كان صَادَق الوعْد وَكَان رسولا نبيًّا 54 وَكَان يَأمُر أَهلَه بِالصَّلاة والزَّكاة وَكَان عِنْد رَبِّه مرْضيًّا .. سُورَة مَريَم ) فَكَان سَيدُنا إِسْماعيل صَادَق الوعْد وأشْهر وأصَّدَّق وَعْد صِدْق فِيه سيِّدنَا إِسْماعيل عِنْدمَا قال لِوالِده ( ستجدني إِنَّ شاء اَللَّه مِن الصَّابرين ) وَذلِك على اِبتِلاء الذَّبْح اَلعظِيم .
  • ( وَكَان رسولا نبيًّا ) وَفِي تِلْك الجزْئيَّة هُنَاك دَلالَة على فَضْل سيِّدنَا إِسْماعيل ورفْع مكانَته عن أَخُوه سَيدُنا إِسحَاق لِأنَّ اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى وصف سَيدُنا إِسحَاق بِالنُّبوَّة فقط ( وبشَّرْناه بِإسْحَاق نبيًّا مِن الصَّالحين.. آية 112 سُورَة الصَّافَّات ) وَذلِك المعْنى يَتَأكَّد أَكثَر بِحديث سيِّدنَا مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم ( إِنَّ اَللَّه اِصطفَى مِن ولد إِبْراهيم إِسْماعيل واصْطَفى مِن ولد إِسْماعيل بُنِي كِنانة واصطَفَى مِن بَنِي كِنانة قُرَيْشا واصْطَفى مِن قُرَيش بَنِي هَاشِم واصْطفاني مِن بَنِي هَاشِم ) .
  •  وَرُبمَا كان اِختِيار اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى لِسيِّدِنَا إِسْماعيل واصْطفائه لَه حَتَّى يُكرَّمه بِأن يَكُون خَاتَم الأنْبياء والْمرْسلين مُحمَّد حبيب ربِّ العالميْنِ مِن ذُرِّيَّته عَليهِم السَّلَام أَجمعِين .
  •  وَكَان يَأمُر أَهلَه بِالصَّلاة والزَّكاة فأهَّله همُّ أُمِّه وأوْلاده وأهْل بَيتِه وأهْل مَكَّة أَجمعِين فَهْم قَوْمه وَأمتِه الَّذين عَاشُوا وَتَربَّى بيْنهم وَمِن أهمَّ وأعْظم الصِّفَات اَلتِي أمر اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى سيِّدنَا مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم بِهَا ( وَأمَر أَهلُك بِالصَّلاة واصْطَبر عليْهَا ) فَهِي صِفة مَمدُوحة عَظِيمَة الأجْر والْفَضْل عِنْد اَللَّه وَهِي أَنَّك لَيْس فقط تُحَافِظ على الصَّلَاة والْعبادة إِنَّما أيْضًا تُشجِّع أَقرَب النَّاس إِلَيك عليْهَا .

سيدنا إسماعيل أول من رمى بسهم وأول من روض الخيل

  • ( وَكَان عِنْد رَبِّه مرضيْا ) مَعْنَاها أنَّ كُلَّ الصِفَات الحسَنة هَذِه جَعلَت اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى يَرضَى عَنْه وَيرضِيه فَكَان راميًا لِلسِّهَام ويقال كان أَوَّل من رَمْي بِسَهم .
  • سَيدُنا رَسُول اَللَّه صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم كان يُشجِّع الشَّبَاب وَهُم يتدرَّبون على الرَّمْي بِالسِّهام فَيقُول لَهُم ( اِرْموا بُنِي إِسْماعيل ، فَإِن أباكم كان راميًا ) فَكَان فارسًا ويقال إِنَّه أَوَّل مِن اِسْتأْنس الخيْل بِمعْنى أنَّ الخيْل قَبْل ذَلِك كَانَت وُحُوش لَم يَستَطِع أحد أن يُرَوضهَا لَكِن سيِّدنَا إِسْماعيل كان يُحبُّهَا جِدًّا فَدعَا اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى أن يُعَينَه على ترْويضهَا حَتَّى يَستطِيع النَّاس أن يسْتخْدموهَا فِي السَّفر والْحَرْب ويسْتفيدوا مِن سُرْعتِهَا وَقوتِها فُروضَهَا بِإذْن اَللَّه وَعونِه وَمُنذ ذَلِك الوقْتِ وَهِي على حَالهَا اَلتِي نراهَا فيه الآن وَلذَلِك كان صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم يَقُول ( اِتَّخذوا الخيْل واعتبقوهَا فَإِنهَا مِيرَاث أبيكم إِسْماعيل ) وَلذَلِك حَتَّى الآن الخيْل العرَبيَّ تُعتَبَر مِن أَفضَل اَلخُيول والْعَرب هُم اِعْرِف النَّاس بِالْخيول.

هل كان سيدنا إسماعيل عليه السلام عربيا ؟

  •  كان سَيدُنا إِسْماعيل أَوَّل مِن نُطْق بِالْعربيَّة المبيَّنة بِمعْنى العربيَّة الصَّحيحة السَّليمة تمامًا ، اَللغَة اَلفُصحى بِدون أيِّ أَخطَاء حَيْث أنَّه فِي ذَلِك الوقْتِ كان هُنَاك مِن أَهْل الجزيرة قَبائِل تَتَكلَّم العربيَّة قِبل سيِّدنَا إِسْماعيل لَكنَّه كان أكْثرهم فَصاحَة واتَّقانَا لِمخارج اَلحُروف بِمعْنًى آخر فَإِن سيِّدنَا إِسْماعيل قد تَفوَّق على من عَلمُوه وَلذَلِك يُعتَبَر أَوَّل مِن نُطْق بِالْعربيَّة المبيَّنة .
  • سَيدُنا مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم قال إِنَّ الأنْبياء العرب أَربَعة همُّ هُود صَالِح شُعَيب ومحمَّد صَلَوات اَللَّه عَليهِم جميعًا وَفِي هذَا اَلحدِيث سيِّدنَا مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم لَم يُذكَر سَيدُنا إِسْماعيل مع أَنَّه أَوَّل مِن نُطْق بِالْعربيَّة المبيَّنة وَلكِن بَعْد أن عرفْنَا قِصَّة سيِّدنَا إِسْماعيل فَهمُنا بِوضوح لِماذَا لَم يَذكُره سَيدُنا مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم حَيْث إِنَّ سيِّدنَا إِسْماعيل لَم يُولِّد مِن أُصُول عَرَبيَّة لَكِن بَعْد وِلادَته نشأ بَيْن قَبائِل عَرَبيَّة وتعلِّم مِنْهم اَللغَة وَتَزوَّج مِنْهم وتكاثرتْ ذُرِّيَّته وتزاوجوا مِن العرب فأصْبح نَسلُه عربيًّا وَهذَا هُو النَّسْل اَلذِي جاء مِنْه سَيدُنا مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم فأصْبح نبيًّا عربيًّا ويعْتَبر ذَلِك تَكرِيم كَافِي جِدًّا لِذرِّيَّة سيِّدنَا إِسْماعيل جميعَهم أنَّ اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى قد خَصَّص ظُهُور حَبيبِه اَلنبِي مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم مِن نَسلهِم.

الإختبار الثانى لسيدنا إسماعيل عليه السلام

  •  كان سَيدُنا إِسْماعيل عليْه السَّلَام ذَا مَكانَة كَبِيرَة وشأْن رفيع عِنْد قَبائِل بِئْر زَمزَم فجميعهم كَانُوا يُحبُّونه ويحْترمونه فَعَاش بَينُهم وَكبُر وَتَزوَّج مِنْهم لَكِن حَتَّى زَواجِه كان فِيه اِختِبار والاخْتبار هَذِه المرَّة كان أَمْر مُبَاشِر وَغامِض الأسْباب .
  • فِي إِحْدى المرَّات اَلتِي سَافَر فِيهَا سَيدُنا إِبْراهيم إِلى مَكَّة حَتَّى يُطمْئِن على سيِّدنَا إِسْماعيل وكانتْ أَوَّل مَرَّة يزوره بعْدمَا تَزوَّج ، فزوِّجْة سيِّدنَا إِسْماعيل لَم تَكُن تَعرِف أنَّ هذَا هُو والده ، ففتحتْ لَه اَلْباب وَسَألهَا عن زوْجهَا فَكَان اَلرَّد بِعَدم وُجُود سيِّدنَا إِسْماعيل وغيابه فِي رِحْلَة صَيْد وُسْعِي لِلرِّزْق فَسَألهَا سَيدُنا إِبْراهيم عن أحْوالهم وأخْبارهم فَردَّت عليْهَ أَنهُم فِي شِدَّة وفقْر واشْتَكتْ لَه اَلْحال سَمِع مِنهَا سَيدُنا إِبْراهيم وقبْل أن يَرحَل ويتْركهَا وصَّاهَا بِتوْصِيل رِسالة حِرفيَّة لِزوْجِهَا بِمجرَّد عودته والرِّسالة كَانَت ( أقرئِيه السَّلَام وأخْبريه بِأن يُغيِّر عَتبَة بَابِه ) وبعْد وَقْت قليل عاد سَيدُنا إِسْماعيل وَقصَّت زوْجته عليْه مَا حدث عن قُدُوم زَائِر غريب وسؤاله عن أحْوالهم ويقال وَاَللَّه أَعلَم أَنهَا ذَمَّت فِيه أيُّ قَالَت شَيْخ عَجُوز هَيئَتِه غَرِيبَة أو مَا شَابَه ذَلِك وَبمُجرد مَا وَصلَت فِي الكلَام لِلرِّسالة والسَّلام أَدرَك سَيدُنا إِسْماعيل شَخصِية الزَّائر وأدْرك أيْضًا مَعنَى رِسالَته فالْمعْنى كان أن يُغيِّر زوْجته فيطْلقهَا ويبْعد عَنهَا .
  • وَكَان ذَلِك اِختِبار آخر لِسيِّدِنَا إِسْماعيل فَكَان أَمْر مُبَاشِر بِتطْلِيق زَوجَتِه بِدون إِعلَان أَسبَاب وَاضِحة وَمِن غَيَّر حَتَّى أن يَتَكلَّم مع أبيه وجْهًا لِوجْهه ويفْهم مِنْه ويفْهَمه وَلكِن سيِّدنَا إِسْماعيل أَطَاع الأمْر بِدون أيِّ اِعتِراض فَطَلقهَا ورغْم أَنَّه لَيْس مِن طَاعَة اَلأَب الشَّرْعيَّة أَنَّه لَو أمر اِبْنه بِتطْلِيق زَوجَتِه يُطْلقهَا فليْس وَاجِب عليْه شرْعًا أن يُطيعه طالمَا أنَّ الزَّوْجة صَالِحة وَذَات خَلْق فَيكُون اَلأُولى أن يُحَافِظ على بَيتِه وَلكِن هُنَا الوضْع مُخْتَلِف فَهذَا خليل اَللَّه اَلنبِي اَلحكِيم والْأب العاقل فاسْتحالة أَنَّه عليْه السَّلَام كان سَيوصِي اِبْنه بِأَمر مِثْل ذَلِك الأمْر إِلَّا إِذَا كان فِي مَصْلَحته وَمِن اَلممْكِن أنَّ سيِّدنَا إِسْماعيل عليْه السَّلَام لَم يَكُن يَعرِف فِي ذَلِك الوقْتِ مَا المصْلحة أو المغزى من ذَلِك الأمْر أو مَا النَّفْع اَلذِي سَيعُود عليْه مِن تَنفِيذه (أيَّ تَطلِيق زَوجَتِه كمَا أَمرَه أَبُوه إِبْراهيم عليْه السَّلَام) وَلَكنَّه كان مُتَأكد أنَّ رُؤيَة أَبُوه أَشمَل وأسْلم وَأنَّه لَو أطاعه سيسلِّم .
  • تَزوَّج سَيدُنا إِبْراهيم مَرَّة أُخرَى وبعْد سَنَوات يَأتِي سَيدُنا إِبْراهيم لِيطْمَئنَّ عليْه وأيْضًا لَم يجدْه فَزَوجتَه الجديدة تَعرَّض عليْه الضِّيافة فيسْألهَا ومَا طعامكم ومَا شرابكم فَترُد قَائِلة طَعَامنَا اللَّحْم وشرابنَا اَلْماء فيدْعو لَهُم اللَّهمَّ بَارَك لَهُم فِي اللَّحْم والْمَاء وَفِي رِواية اللَّهمَّ بَارَك لَهُم فِي طَعامِهم وشرابهم ويسْألهَا سَيدُنا إِبْراهيم مَرَّة أُخرَى عن حَالهِم وأخْبارهم فَيكُون رَدهَا العكْس تمامًا حَيْث تَشكُر اَللَّه وَتثنِي عليْه وتعْتَرف لَه سُبْحانه بِالنِّعْمة والْفَضْل اَلذِي هُم فِيه وَهذِه المرَّة قَبْل أن يَرحَل سَيدُنا إِبْراهيم ويتْركهَا يُوصيهَا أن تَبلُغ زوْجهَا الرِّسالة وَهِي ( أَمسَك عليْك عَتبَة بَابِك ) بعْدهَا يَعُود سَيدُنا إِسْماعيل إِلى البيْتِ ويسْمع مِن زَوجَتِه مَا حدث ويلاحظ الفرْق حَتَّى فِي السَّرْد عِنْدمَا يَجدُها تَصِف الزَّائر اَلغرِيب بِالْهيْبة ومعالم الطَّيِّبة والسَّماحة فيسْتشْعر مَغزَى اَلوصِية ويطْمَئنُّ أنَّ اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى عِوضهَ خيْرًا بِزوْجه صالحه يسْتحقُّهَا وَتكُون لَه بِالْأخْلاق والرِّضَا وَحُسن المعاملة اَلتِي تُرْضِي اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى وخليله عليْه السَّلَام .

بناء الكعبة

  •  تَمُر فَترَة مِن الزَّمن اَللَّه أَعلَم بِهَا وَيوحِي اَللَّه لِنبيِّه إِبْراهيم بِبناء الكعْبة فيذْهب لِابْنه إِسْماعيل فِي مَكَّة وَهذِه المرَّة يَجدُه جَالِس تَحْت شَجرَة عِنْد بِئْر زَمزَم وبعْد السَّلَام والْأحْضان وَفرَحِة اللِّقَاء يُمهِّد سَيدُنا إِبْراهيم لِإبْنه عن أَمْر مَا أَمرَه اَللَّه بِه فوَافَق سَيدُنا إِسْماعيل اَلذِي شبَّ على طَاعَة أَوامِر اَللَّه وَشجَّع والده على التَّنْفيذ وَذلِك قَبْل حَتَّى أن يَعرِف أيَّ تَفاصِيل ( اِصْنع مَا أمرك بِه ربُّك ) .
  • عِنْدمَا تَأكَّد سَيدُنا إِبْراهيم عليْه السَّلَام مِن اِسْتعْداد اِبْنِه لِلْمساعدة أخبره أنَّ اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى أمْره بِبناء بَيتِه الحرَام فِي هذَا المكَان وبالْفعْل قاموا بِالْبَدْء فِي البنَاء وَتوزِيع العمل عَليهِم فَنجِد سَيدُنا إِسْماعيل يَجلِب الحجارة والْأدوات ويساعد أَبُوه حَتَّى يَبنِي البيْتُ الحرَام كان بِنَاء الكعْبة أَصعَب مِن تَصوُّر أيِّ إِنسَان فَكَان الاثْنان يقوموا بِحَفر الأرْض لِعمْق مُنَاسِب لِتأْسِيس متين ويذْهبون مِن وَقْت لِآخر لِيجْلبوا حِجارة مِن الجبَال القريبة والْبعيدة يحْملوهَا وينْقلونهَا ويرصُّونهَا ويعْلونهَا فكانوا يقوموا بِدَور المهنْدس والْبناء والشَّيَّال والْعمَّال وفريق العمل كاملا فكانوا شخْصيْنِ وَلكِن يقومون بِمجْهود يَحْتاج مَجمُوعة كَبِيرَة مِن الرِّجَال ، ولكنَّهم رَغْم كُلِّ اَلجُهد والتَّعب والْمشقَّة لَم يعْترضوا على أَمْر اَللَّه ولم يَنسُبوا الفضْل إِلى أَنفسِهم بَعْد الانْتهاء بِالْعَكْس فكانوا أَثنَاء بِنَاء بَيْت اَللَّه الحرَام يقومون بِالدُّعاء بِاسْتمْرار ( وَإِذ يَرفَع إِبْراهيم الْقواعد مِن الْبيْتِ وإسْماعيل رَبنَا تَقبَّل مِنَّا إِنَّك أَنْت اَلسمِيع اَلعلِيم 127 رَبنَا واجْعلْنَا مُسْلمِين لَك وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّة مُسْلِمة لَك وأرنَا مناسكنَا وتبَّ عليْنَا أَنَّك أَنْت التَّوَّاب اَلرحِيم 128 رَبنَا وابْعث فِيهم رسولا مِنْهم يَتلُو عَليهِم آياتك ويعلِّمهم الكتَاب والْحكْمة ويزكِّيهم إنَّك أَنْت اَلعزِيز اَلحكِيم .. سُورَة البقَرة).
  •  وَفِي ظِلِّ الإرْهاق والْإجْهاد والتَّنْفيذ كَانَت العقيدة والْمناسك هِي مَا يَشغَل تفْكيرهم فَكَان دُعَائهِم مُتَضمن إِكمَال العقيدة وتَوضِيح المناسك لَهُم ولذرِّيَّتهم كأنَّهم يعْلمون ويقومون بِتعْليمنَا أنَّ البيْتَ الحرَام اَلذِي يَتِم بِناؤه الآن هُو رَمْز العقيدة وقبْله الإسْلام .
  • فَلمَّا اِرتفَع البنَاء واسْتطال لَم يَعُد سَيدُنا إِبْراهيم يَستطِيع أن يَصِل إِلى الحجارة حَتَّى يَبنِي فوْقهَا فَكَان اَلحَل فِي حجر كبير يَقِف عليْه وَيكمِل البنَاء وَهذَا الحجْر مَوجُود حَتَّى الآن فِي الحرم وَسنَجِد آثار قَدمِي سيِّدنَا إِبْراهيم عليْه السَّلَام وَلذَلِك سُمِّي بِمقام إِبْراهيم قام عليْه لِبناء الكعْبة وَذكَر اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى هذَا المقَام فِي اَلقُرآن وَأَمرنَا أن نُصلِّي فِيه ( واتَّخذوا مِن مَقَام إِبْراهيم مُصلَّى ... آية 125 سُورَة البقَرة ) .
  • وظلَّ سَيدُنا إِبْراهيم وَسَيدنَا إِسْماعيل على هذَا اَلْحال حَتَّى اِكتمَل بِنَاء الكعْبة فَجَاء سَيدُنا جِبْريل بِحَجر مِن الجنَّة اِسْمه الحجر الأسْود وَضعُوه فِي بَيْت اَللَّه دَاخِل جُدْران الكعْبة على اِرتِفاع مِتْر تقْريبًا شَمَال باب الكعْبة وَمِن الحجر الأسْود أَصبَح يَبدَأ الطَّوَاف وَبِه يَنتَهِي وَمِن اَلسنَة أنَّ أيَّ مُسْلِم يَقُوم بِعَمل عُمرَة أو حجٍّ يُصلِّي ركْعتَيْنِ خَلْف مَقَام إِبْراهيم بعْدمَا يَنتَهِي مِن الطَّوَاف .

الحجر الأسود

  • الحجر الأسْود عِنْد نُزوله مِن الجنَّة كان لَونُه أَبيَض وَلَكنَّه تَحوَّل إِلى اللَّوْن الأسْود بِسَبب ذُنُوب بُنِي آدم ، حبيبنَا اَلنبِي مُحمَّد صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم قال ( نزل الحجر الأسْود مِن الجنَّة وَهُو أشدُّ بياضًا مِن اللَّبن فسوِّدَتْه خطايَا بنِي آدم وَقَال وَاَللَّه لِيبعثنه اَللَّه يَوْم القيامة لَه عَيْنان يُبْصِر بِهمَا ولسان يَنطِق بِه يَشهَد على من اِسْتلَمه بِحقٍّ ) .
  •  وَفِي فَضلِه سَنجِد أَحادِيث كَثِيرَة مِنهَا ( أنَّ مَسْح الحجر الأسْود والرُّكْن اليماني يُحَطان الخطايَا حطًّا ) ، وعن نَافِع رَضِي اَللَّه عَنْه قال (رأيْتُ اِبْن عُمَر اِستلَم الحجْر بِيَده ثُمَّ قَبْل يَدِه وَقَال مَا تركتْه مُنْذ رأيْتُ رَسُول اَللَّه صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم يفْعله ) .
  • وعن عُمَر بْن الخطَّاب رَضِي اَللَّه عَنْه قال( إِنِّي لَأعلِم أَنَّك حجر لََا تَضُر ولَا تَنفَع ولوْلَا أَنِّي رأيْتُ اَلنبِي صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم يقْبلك مَا قبلتْك وَقَال الطَّبَري إِنَّما قال ذَلِك عُمَر لِأنَّ النَّاس كَانُوا حَديثِي عَهْد بِعبادة الأصْنام فَخشِي عُمَر أن يَظُن اَلجُهال أنَّ اِستِلام الحجْر تَعظِيم بَعْض الأحْجار كمَا كَانَت العرب تَفعَل فِي الجاهليَّة فَأَراد عُمَر أن يَعلَم النَّاس أنَّ اِسْتلامه اِتِّباع لِفعْل رَسُول اَللَّه صَلَّى اَللَّه عليْه وَسلَّم لََا لِأنَّ الحجْر يَضُر وينْفع بِذاته كمَا كَانَت تَعتقِده فِي الأوْثان .

تعليقات

لا يسمح بالتعليقات الجديدة.




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -